فقد الشغف بالعمل مشكلة قد تواجهنا جميعًا في بعض المراحل التي تمر بها حياتنا الوظيفية، حيث تجد نفسك فجأة غير قادر على تحمل مهامك اليومية، أو الاستمرار في أداء عملك كما يجب أن يكون.

وفي الحقيقة هناك عدة أسباب قد تجعلك تصل إلى هذه المرحلة، بعضها قد يرجع إليك أنت شخصيا، منها أسباب نفسية بحتة، كأن تواجهك مشاكل نفسية تجعلك غير راضٍ عن كل شيء يحدث حولك، وبعضها قد يعود إلى طبيعة العمل، أو طبيعة البيئة المحيطة بك في المكان الذي تعمل به.

المهم أن تلك الحالة قد تأتيك من آن لآخر، وفي بعض الأحيان قد تكون حالة عابرة، وفي أحيان أخرى يكون عليك أن تقف وتسأل نفسك عن أسباب تلك المشكلة وكيف يمكنك أن تتخلص منها؟

هذا ما سوف نتناوله الأن في موضوع جديد، فتابعونا.

علامات مرورك بأزمة في عملك

أولا: فقد الشعور بالتحدي في العمل

كل موظف يبحث بصورة أو بأخرى عن تحقيق إنجازات فارقة في مجاله، هذه الإنجازات تجعله يكتسب الخبرات والمهارات الجديدة التي تمكنه من الترقي والفوز بمناصب أعلى، ومن ناحية أخرى تجعله يشعر بلذة وفخر واعتزاز بالذات.

وبالتالي فهو يخوض في كل يوم، معركة جديدة وتحدٍ أكبر من أجل إثبات أنه قادر ويستطيع أن يقدم الأفضل دائما.

إنها فطرة في الإنسان، وسعادة من نوع مختلف، لكنك أحيانا تجد نفسك فجأة  غير قادر على بذل أي مجهود في عملك، تفقد هذا التحدي فجاة وتؤدي مهامك بشيء من التكاسل، وتفقد روح الإبداع التي كانت تميزك عن غيرك.

قد يكون الأمر ناتج عن انخفاض مستوى التحدي لديك، أو أن عملك الحالي أصبح ممل للغاية لأن خبرتك زادت، وبالتالي قدرتك على الإنجاز تفوقت على طبيعة المهام الموكلة لك.

لذلك عند شعورك بفقد التحدي في عملك يجب أن تنتبه، وتحاول أن تعالج تلك المشكلة، مثلا، حاول أن تجد فرصة جديدة تتحدى بها نفسك في العمل، إما عن طريق:

- تحمل مسؤوليات جديدة إضافية على مهامك اليومية.

- التطوع للمساعدة في مشروع مختلف في نفس إطار مواهبك العملية.

- حضور دورات أون لاين في وقت فراغك لتنمية مهاراتك الشخصية.

 

ثانيا: الإحباط

أحيانا قد تكون المشكلة أكبر من فقد التحدي في العمل، فأنت الآن تعمل بكامل طاقتك، وتحرز الكثير من الإنجازات اليومية والشهرية، وتحصل على الكثير من الوعود التي تشجعك على إنجاز أعمال إضافية، ولكن على الرغم من كل هذا فإنك تجد نفسك في النهاية تعمل وتكل دون طائل.

نعم تحصل على راتبك الشهري، ولكن ألم يكن هناك وعودا بالترقي عند إنجاز بعض المهام بمثالية؟

الآن، وقد فعلت وبذلت قدر طاقتك بل أكثر، لكن لم تجني من ذلك سوى كلمات باهتة عن أن عملك كان له أثرا ما في الشركة، أما عن توقعاتك بالترقي أو وعود الترقي فقد أصبحت باهتة، ولا أحدا يحدثها عنك.

هنا تشعر بالإحباط، ولا تستطيع أن تستمر بنفس الطاقة التي كانت لديك، وهنا أيضا قد تطاردك فكرة التوقف عن العمل.

لكنا ندعوك لأن تجري لقاءا مع مديرك المباشر، قبل أن تسمح لتلك الأفكار السلبية أن تخيِّم على تفكيرك، وتقوم في هذا اللقاء بسؤاله مباشرة عن ما يحدث، وبناء على رده تقرر ما إذا كنت ستستمر أم تبحث عن مكان آخر يقدر مواهبك أكثر.

 

ثالثا: فقد القدرة على اكتساب مهارات جديدة

الموظف المثالي المحب لعمله تجده دائما دؤوب ويبحث في كل اتجاه على سبل جديدة يتعلم من خلالها مهارات أكثر، حتى تساعده على أداء وظيفي أكثر احترافية.

عندما تكون كذلك، ثم فجأة تجد نفسك قد توقفت عن البحث، وتوقفت عن تطوير وتنمية مهاراتك عن طريق حضور دورات ومحاضرات جديدة، سف تدرك بنفسك أن هناك أمر ما قد تغير في حبك للوظيفة التي تشغلها.

حاول ان تستعيد تلك الروح، فلا احد كبير على التعلم مهما صعد، لا تخجل أبدا من تعلم مهارات جديدة حتى لو كانت من الموظفين الذين يعملون تحت إمرتك، فقد يكون لديهم بعض المهارات التي لا تمتلكها، لذا كن أكثر احترافية، وابحث عن سبل جديدة للتعلم دائما وأبدا.

 

رابعا: عندما لا توكل إليك المهام الكبرى التي اعتدت على إنجازها

لو كنت واحد من الموظفين المميزين في الشركة، والذين يثق فيهم مدرائهم، فدائما ستجد مديرك يخصك ببعض المهام الهامة، والتي من شأنها أن ترفع من قدر الشركة.

وعندما تفقد تلك المزية ، وترى أن هذه المهام يتم إسنادها لغيرك، فربما تكون تلك علامة على تلاشي أو تضاؤل دورك في الشركة، أو أنك لم تعد الأمهر والأكثر ثقة بين زملائك، وهنا سيكون عليك أن تنتبه جدا، فربما تكون هذه إحدى علامات الخطر على مستقبلك الوظيفي بصورة أو بأخرى.

فكر جيدا في عرض مشروع جديد، او أفكار غير نمطية لتطوير العمل بصورة او بأخرى، فهذا الأمر قد يعيد إليك الثقة، وقد يجعلك تكسب المزيد من الترقي والتقدم في منصبك.

 

خامسا: الركود

في بعض الأحيان تتجاوزك الأزمة، وتنتقل إلى الشركة التي تعمل بها، أو المجال الذي تسلكه بشكل عام.

مثلا قد يصل سوق العمل لحالة من التشبع، أو تصل الشركة لحالة من الركود وعدم القدرة على المواصلة في ظل ظروف معينة، تجد نفسك تلهث يوميا لأجل لا شيء.

هنا، يكون عليك التوقف والبحث عن صيغة أخرى للعمل أو التنمية، أي سيكون عليك إما أن تجد حلا، وتبحث عن وسيلة أخرى لتنمية الشركة، لتقف على قدميها من جديد، أو أن تترك المجال، وتبحث عن مجالا جديدا، لكن بعد أن تتأكد من أنك فعلت كل ما في وسعك، وبحثت قدر الإمكان قبل أن تسدل ستارة النهاية.

 

سادسًا: فقد الرغبة في التَحَسُّن

ربما تجتمع لديك كل العوامل السابقة، فتجعلك غير راغب في تحسين الأمور، وعودة كل شيء إلى صورته المثالية كما كان.

هنا تجد نفسك تريد أن تتوقف تماما عن كل شيء، لا تريد أن تعمل، ولا تريد أن تحسن من مهاراتك الشخصية، وأيضا لا تريد أن تبتكر أفكار لتنمية وتطوير مسيرة العمل.

وهنا أيضا تكون المشكلة أعمق وأكثر تعقيدا من كل العوامل السابقة، والتي غالبا ما ستكون مررت بها واحدة تلو الأخرى، لكنك رفضت أن تحلها عندما كانت أقل تعقيدا.

الأن وقد توقفت أو تعطلت مسيرتك المهنية، فلا ترغب في تحسين أدائك الوظيفي، ولا ترغب في اكتساب تحديات جديدة قد تجعلك أفضل، ولحل هذه المعضلة ليس عليك سوى ان تعافر من جديد، حاول أن تتحدى نفسك أكثر، دون ان تلقي بالا بالآخرين، حيث ينحسر دورك الآن في المقاومة، ومقاومة الذات أصعب من أي فعل آخر.

لذلك ننصحك بأن تجتهد في سحب كل الأفكار السلبية التي تنتهك قواك النفسية في هذه الفترة حتى تجد نفسك من جديد، وتعود لممارسة العمل، كما كنت وكما يجب أن تكون.