تسبب دخول المرأة لسوق العمل السعودي بقوة بالفترة الأخيرة، في حالة من حالات الجدل الواسع بين مؤيد ومتحفظ على هذه القرارات، خاصةً بعد أن باتت حالات الإختلاط بين الرجال والنساء داخل نفس مساحة العمل أمراً موجوداً كما لم يكن ابداً من قبل.

ورغم حالة الجدل الواسعة التي تسبب فيها دخول المرأة إلى أسواق العمل، إلا أن القرارات الجديدة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية ضمن مشروعها التنموي لتحريك إعتماد اقتصاد الدولة من على النفط فقط، شيء جيد للغاية بالنسبة إلى النساء ولكنه ليس أمراً ورديً في العموم.

كيف بدأ دخول المرأة إلى أسواق العمل وخروجها من حالة التقيد التي كانت تعيش فيها طوال الفترة الماضية:

من المهم في البداية أن نفهم الأسباب التي دفعت المرأة مؤخراً للظهور بقوة في ساحة العمل ومنافسة الرجال على بعض المناصب داخل السوق السعودي، بجانب تحررها من بعض القيود التي كانت تكبدها بضرورة الحصول على موافقة ولي أمرها أولا بجانب استحداث بعض القوانين الأخرى التي يعد من أبرزها طبعاً السماح لهن بالقيادة بعد استخراج الرخصة وفقا للشروط وذلك منذ يونيو 2018، عندما بات القرار مفعلاً بشكل رسمي.

قرارات المملكة بخصوص منح بعض الحرية للمرأة تأتي جميعها تحت مظلة رؤية 2030 التي تسير فيها المملكة بخطى ثابتة على كافة الأصعدة إلى الآن من حيث الترفيه والرياضة وغيرها من المجالات، والتي ايضا تضع دوراً أكبر للمرأة في سوق العمل بهدف استغلال قدرتها في المجالات المختلفة.

كما شغلت قضية المرأة بشكل عام جانباً كبيراً من تلك الرؤية بعيداً عن الجانب العملي، فخرجت مبادرات تسمح لهن بممارسة الرياضة من خلال تطوير مراكز رياضية خاصة بهم تجاوزت تكلفتها 10 ملايين ريال ضمن الخطة، وهو أمر لا يحدث حاليا حتى على مستوى الرياضة البدنيه في مدارس البنات التي لا يوجد بها أي نشاطات من هذه النوعية، بالإضافة إلى التصدي لحالات العنف الأسري ومعالجة غيرها من المشاكل ضمن نفس الرؤية.

كل هذه المعطيات التي وضعتها رؤية المملكة في 2030 من خطوط عريضة جاءت بتوصيات مجلس الشورى الفعلية في العام الماضي لوزارة العمل بضرورة رفع نسب الوظائف المخصصة للنساء ليواكب الهدف الموضوع بوصول نسبة القوى العاملة من النساء إلى 25% من إجمالي سوق العمل مع نهاية 2020. لكن هل نجحت  هذه القرارات في التأثير بشكل فعلي على سوق العمل النسائي في السعودية؟

في الحقيقة الأرقام تجيب على هذا التساؤل بنعم، فبعد هذه القرارات تم تعيين ما يفوق 65 ألف إمرأة ليرتفع عدد العاملات إلى 1 مليون و86 ألف عاملة وفقاً لإحصائيات الربع الأول من عام 2018 أي بعد أيام قليلة من خروج التوصيات، كما تؤكد نفس الاحصائيات أن مع نهاية العام ذاته (2018) وصلت نسبة النساء العاملات إلى 19.6% من إجمالى القوى العاملة. وهي أرقام مبشرة بالتأكيد للخطة الموضوعة.

إذا ما هي الفرص التي تمنحها القرارات والرؤية الجديدة للمرأة في سوق العمل بالمملكة العربية السعودية غير المعتاد؟

كما يرى جميع المحللون؛ سيكون للمرأة نصيب كبير من المميزات الموضوعة ضمن رؤية المملكة في 2030، وهو ما أكدته ايضا هند آل الشيخ، مديرة الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة هناك، حيث سيتم العمل على توفير دورات تدريبية وندوات لرفع كفاءة الكوادر من النساء مع وجود فرصة لتمكينهم من المناصب فيما بعد وفقاً للتنافس "المتساوي" بين الجنسين، بجانب منحهن فرص عمل أكثر خلال الفترة المقبلة. وهو الأمر الذي سيسمح للنساء بالعمل في أي مجال يجيدونهُ تقريباً، بما في ذلك إمكانية حصولهن على ترقيات طبيعية يصلون من خلالها إلى المناصب الإدارية بشكل طبيعي تماماً مثل الرجال.

ما هي التحديات المتوقعة من دخول المرأة لسوق العمل بهذا الشكل؟

ربما نعتبر أن كل هذا الكلام كان مظلل باللون الوردي لكن، دون شك فإن المرأة في السعودية ستواجه بعض التحديات الصعبة وذلك بعيداً عن مشاكل الرجال التي تكمن في دخول منافس جديد على بعض الوظائف وهو ما سيرفع نسب البطالة بين الشباب منطقياً، ولكن ما يبدو اسوء هو أن بعض المشاكل الأخرى لن تكون أقل تعقيداً بل أكثر، حيث من المنتظر أن يتسبب دخول المرأة لسوق العمل بتلك القوة مشكلة أكبر من المشكلة التنافسية مع الرجال خاصةً وأن عدداً كبيراً من المجتمع السعودي مازال غير متقبل الدعوات بدخول المرأة إلى أسواق العمل بهذا الشكل في الأصل.

وعندما نتحدث عن المشاكل المجتمعية فيمكننا الاستشهاد بمواقف عديدة تربط مدى الغضب والترصد لما سيحدثه دخول المرأة إلى أسواق العمل من مشاكل.

ونستطيع القول بكل ثقة أن الأمر سيتكرر مع كل فرصة ممكنة وهو ما يفتح الباب أمام نوعية تحدي خاص ستواجهه المرأة كلما تقدمت أكثر في سوق العمل على الرغم من استفادتها من الناحية القانونية بذلك.

جديراً بالذكر أن المرأة لديها بالفعل فرص للعمل في الوقت الحالي داخل المملكة، حيث توفر عدة شركات فرص لهم حتى قبل توجه الدولة لدعم هذا إلا أن هذا التوجه سيدعم فرصهم أكثر خصوصاً وأن ما يساوي الخمسين في المئة من الخريجين الجامعيين سنوياً في المملكة هم من الإناث، وهو ما يجعل عملية دخولهن إلى أسواق العمل أمراً يبدو منطقيا بالرغم مما سيشكله من تنافساً حقيقياً سواءً فيما بينهم أو حتى مع الرجال الذين باتوا مهددين بفقدان مراكز وظيفية مرموقة.

وتبقى مسألة قدرتهن على التعامل مع المشاكل المتوقعة هي الفيصل في سلاسة سير هذا الكم الملحوظ من التغيير على سوق العمل في السعودية.

 


تعرف على أحدث فرص العمل في كبرى الشركات بالمملكة - للنساء من هنا

تعرف على أحدث فرص العمل في كبرى الشركات بالمملكة - للجنسين من هنا