عندما تدخل إلى أسواق العمل فهناك العديد من الأشياء التي ستتغير في ذهنك عن الصورة النمطية التي كنت ترى بها الأمر، فهذه الاسواق التي ربما كنت تعتقد أنها تقف تنتظر قدومك؛ في الواقع هي مسرح كبير للمنافسة الشرسة على الوظائف والتي قد تجعلك تخسر مكانك في أي لحظة.

وحقيقةً فهناك عدد قليل جداً من الأشخاص الذين يُدركون حقيقة العمل الوظيفي المتمثلة في ضرورة إحداث الفارق في مكان العمل ليبقى محافظاً على مكانه مهما كانت المتغيرات.

ولكن ما هي تلك المتغيرات التي من الممكن أن تؤثر على وظيفتك بشكل مباشر؟
المتغيرات كثيرة؛ فربما تكن متعلقة بتقلبات سوق العمل نفسه، كأن يُصبح تخصصك متوفر بكثرة أو أن يَحدث تغيير معين يتسبب في خفض مبيعات الشركة وتضييق مساحة عملها كما حدث مع شركة "نيسان" مؤخراً، والتي قررت خفض مئات الوظائف في مصنعها في "سندرلاند" البريطانية بسبب هبوط مبيعات السيارات العاملة بالديزل، وهو ما يعني تسريح عدد كبير من الموظفين.

أو أن تكون متعلقة بسياسات الشركة نفسها في تقليل نسب الإنفاق حتى وإن لم تكن تواجه أي مشاكل أو ضائقات مالية. وفي الحالتين لا شك أن وظيفتك ستكون على المحك.

وهناك سبب أخر قد يكون قوياً للغاية خاصةً في تلك الفترة التي تنتشر فيها التقارير الاقتصادية العالمية حول اقتراب دخول العالم في أزمة إقتصادية كبرى خلال الفترة المقبلة، حيث أكد معظم الأقتصاديين أن الأزمة في طريقها للظهور للمرة الأولى منذ أخر أزمة مشابهه عام 2008 والتي تسببت في إفلاس عدد كبير من البنوك والشركات وطَرد عدد لا يُستهان به من الموظفين من عملهم بسبب رغبة الشركات في تقليل النفقات، لتفادي مصير من أفلست قبلها.

والسؤال الآن كيف تُحدث الفارق في مكان عملك لتفادي خسارة وظيفتك في المستقبل تحت أي تقلبات؟

كيف تحدث الفارق في مكان عملك؟

لتحدث الفارق في مكان عملك يجب أن تكون مميزاً بالقدر الكافي الذي يجعلك بارزاً دون إحداث ضجة، فإذا أردت أن تفهم ما أقصده دعنا نأخذ مِثالاً للاعب كرة القدم الشهير "ليونيل ميسي"، فالجميع يعرف "ميسي" وهو دائماً النجم الأوحد وراء أي قميص يرتديه، وخذ في المقابل بعض اللاعبين الذين يتعمدون إحداث ضجة في وسائل الإعلام للحديث عنهم، فلماذا ميسي هو ميسي ولماذا الباقين هم مجرد لاعبين عاديين مهما تعالت أصوات تلك الضجة؟

بشكل أكثر تخصصاً سنقول أن "ميسي" موهبة لم تظهر لها نسخة أخرى على وجه الأرض حتى تلك اللحظة، ولكن من الجانب الأكثر عملية سنقول أن "ميسي" يتدرب بشكل قوي ويواكب الأمور الجديدة من حوله في عالم كرة القدم وينفذ تعليمات مدربه ويساعد فريقه على الفوز ويتسم بالمرونة التكتيكية ويقدم ما بوسعه من اقتراحات من الممكن أن تفيد فريقه.

وهذه الخمسة أشياء بالضبط هي التي ستساعدك على إحداث الفارق في مكان عملك، الآن دعنا نتحدث عن كلاً منها بشكل منفرد وبطريقة مهنية بعيداً عن كرة القدم.

1- واكب التكنولوجيا الحديثة وأدخلها في عملك
بالطبع سمعت عن "وظائف ستختفي قريبا" و "وظائف ستظهر قريبا" بسبب التكنولوجيا، لكن لا شك أن الخبرات والمهارات البشرية ستظل عاملاً مهماً في سوق العمل مهما تطورت الوسائل التكنولوجيا، خصوصاً وأن معظم التقنيات الحديثة في الأصل تعتمد على ضبط يدوي من جانب الأيادي البشرية قبل مواصلة عملها بدقة.
وهذا يعني أن مواكبة التكنولوجيا الحديثة في مجال عملك أمر بالغ الأهمية، فناهيك عن كل تلك التقارير الخاصة بإختفاء الوظائف أو ظهور أخرى والتي يُتَداول بعضها لمجرد إحداث ضجة، فالتكنولوجيا ستوفر عليك وقت كبير في إنجاز عملك ما يعني أنك ستنجز أكثر عن الباقين.
الأمر ذاته في إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة إلى عملك، على سبيل المثال إذا كنت مهندساً مسؤولاً عن تصميم البنايات على إحدى البرامج وكانت الشركة لا توفر إصداراً مرخصاً إلا لبرنامج قديم يفتقر للمميزات التي تساعد على إخراج العمل بصورة أفضل وكنت أنت قادراً على توفيره والعمل به وإظهار النتائج المحسنة من خلاله فهذه نقطة ستحسب لك.

2- كن مرنناً
نعم، أنت مُلزم بإنهاء مهام محددة، وليس من حق أحد أن يرغمك بأن تقدم شيئاً إضافياً عما هو موجود في عقدك، لكن المرونة شيء إيجابي جداً يعطيك نقطة إضافية ويجعلك تحدث الفارق في مكان عملك.
دعنا هنا نعود إلى مثال المهندس السابق، فإذا كان مجال عملك هو التصميم الهندسي للمباني وكان العمل يتطلب إنهاء شيت حسابات لسبباً ما وأنت متقن لهذه المهارة ولم تقم بإنهائه فسيتم وضع علامات استفهام كبيرة حول هذا الأمر؛ خصوصاً وإن كان مديرك يعلم بأنك قادر على ذلك بنفسك دون تقديم طلب للمسؤول بإيجاد شخص أخر للمهمة.
هذه الجزئية مهمة لك كشخص ايضاً بعيداً عن الوظيفة ومكان العمل، فمن خلال الأشياء التي قد تواجهك بصورة استثنائية أنت تُثقل مهاراتك وتُعددها، ما يعني أن خانة المهارات في السيرة الذاتية الخاصة بك سوف تشهد تقدماً ملحوظاً بعد فترة، وقد تكون ايضاً سبباً في رفع راتبك أو إيجاد فرصة عمل أفضل.

3- واصل الطلاع
مهما كان مجال عملك فهو يتغير بسرعة رهيبة، فما كنت تدرسه أمس ليس نفسه ما يدرسه غيرك اليوم، والطرق الفعالة أمس ليست نفسها اليوم، و بالطبع السوق بحاجة إلى الأجدد والأحدث، فعليك أن تواصل الإطلاع على جديد مجالك من خلال قراءة الكتب والمقالات أو حضور الدورات التدريبية الحديثة إن كان لديك وقت لذلك.

4- قدم اقتراحات دائماً

كما نوهنا في نقطة المرونة، فنعم أنت لديك مهام محددة تقوم بها وليس من ضمنها أن تقدم الإقتراحات التي من شأنها أن تعزز العمل في الشركة أو المؤسسة أو حتى تُربحها مادياً، ولكن ايضاً يجب أن يكن لديك رؤية إن أردت إحداث الفارق في مكان عملك.
حاول دائماً أن تخبر رؤسائك في العمل عن الأمور التي من الممكن تحسينها أو قدم أي أفكار ثورية من الممكن أن تقفز بأرباح الشركة، فهذا الأمر فعال للغاية لتبقى دائماً في مكانه خاصة.
لا يجب المرور من تلك النقطة دون التنويه على ضرورة التأكد من جدوى الأفكار التي تقدمها وألا تكن مجرد حيل تُظهر بها أنك مهتم لأمور المؤسسة أو الشركة بشكل زائد عن الحد، لأن هذا غالباً سيظهر نتائج عكسية.

5- ساعد زملائك
الحالة التنافسية القوية بين الأشخاص في أسواق العمل لا تعني أبداً أن هناك حالة من العداء الخفي، على العكس تماماً فعندما تكن مفيداً لزملائك في مكان العمل هذا سيكسبك ثقلاً لدى الإدارة على جانبين مختلفين.
أولاً، عندما تكن الإدارة مضطرة للإختيار بين أحد الأشخاص في مجالك لن تختار من لا يملك روح المشاركة التي تُكسب العمل نوعاً من الإتقان والسرعة.
وعلى الجانب الأخر، فستملك أنت مصدر قوى لدى زملائك في حال وقعت في مشكلة مع الإدارة أو كانت ترغب في رحيلك لحساب شخص أخر أقل كفاءة، فربما تكون أراء الموظفين الأخرين عاملاً مساعداً في بقائك.


تابع المزيد من المقالات على مدونة جوبذاتي




شارك الخبر