يأتي تدريب وتطوير الموظفين على رأس أولويات الشركات الكبرى والتي تسعى لخلق تواجد قوي في الأسواق من خلال خطتها طويلة الأمد، وذلك عن طريق إنشاء كوادر حقيقية يمكنها اتخاذ قرارات أكثر سرعة وأكثر دقة، وأكثر جرأة ايضًا في أصعب الأوقات التي من الممكن أن تمر على الشركة في ظل تقلبات الأسواق الشديدة والتي لا تنتهي ابدًا.

وعلى الرغم من أن تدريب وتطوير الموظفين ليس أمرًا معمولاً به في جميع الشركات إلا أنه أحد أكثر الأمور الحاسمة للتطوير التنظيمي والإزدهار داخل أي شركة أو مؤسسة، وهو أمر مفيد للغاية لأصحاب الأعمال على وجه الخصوص مهما كانت اتجاهاتهم. لكن السؤال الآن، كيف يؤثر تدريب وتطوير الموظفين بشكل فعلي على نمو شركتك؟

كيف يؤثر تدريب وتطوير الموظفين على نمو شركتك

في البداية، لا يمكننا الخلط بين التدريب والتطوير فـ لكلاً منهما مفهومه الخاص، إلا أنهما يتشاركان في حصد أغلب التأثيرات الإيجابية التي تعود على الشركات والمؤسسات في ظل تطبيقهم داخل خطة لتدريب الموظفين وتطويرهم، بهدف تعزيز المهارات السلوكية والتقنية لديهم.

لكن وبشكلاً عام، يمكننا أن نتحدث عن تدريب وتطوير الموظفين وتأثيره على نمو الشركة مستندين على ما يُحدثه التدريب والتطوير في أسلوب إدارة الموظفين واستغلالهم لساعات العمل خلال الأسبوع فضلاً عن تأثير ذلك على العلاقات المباشرة مع العملاء وغيرها من الأمور، إلا أننا بحاجة للبدء بأكثر ما قد يكون مهمًا بالنسبة لأصحاب الأعمال قبل كل ذلك، وهو التكلفة المادية التي سيتكبدونها من أجل تدريب وتطوير الموظفين.

الأداء المالي لشركتك على موعد مع الإزدهار من خلال تدريب وتطوير الموظفين
المبالغ المادية التي قد تنفقها الشركة على تدريب الموظفين ومن ثم تطويرهم قد تكون مبالغ مرتفعة وهذه حقيقة لا يمكن الجدال فيها. إلا أن تلك المصروفات التي قد تُرى على أنها مرتفعة على تدريب وتطوير موظفون يقومون بأداء مهامهم بالفعل، ستساعد بشكل كبير على تحقيق تحسن في الأداء المالي العام للشركة فيما بعد.

قد لا يكون هذا واضحًا، فـ على الأغلب الموظفين سيقومون بنفس المهام وبالتالي فـ على الأغلب الشركة ستحقق نفس القدر من الأرباح التي كانت تحققه ما قبل التدريب… إذا كيف يحدث التحسن المالي للشركة من خلال تدريب وتطوير الموظفين؟

قد يبدوا هذا الاستنتاج منطقيًا للوهلة الأولى فـ نفس المهام تعني نفس الأرباح؛ إلا أن تدريب وتطوير الموظفين هدفه في الأساس هو تحسين قدرة الموظفين على إتمام المهام ذاتها في وقت أقل وبجودة أعلى وأخطاء أقل، وبالتالي توفر وقت إضافي للعمل على المزيد من المهام، بالإضافة إلى تقليل نسبة التلف التي قد تحدث في الماكينات أو الأجهزة ورفع كفاءة المنتج وتقليل نسبة المرتجعات (وهو ما يُمكن أن نُطلق عليه "تقليل تكلفة التشغيل"). وبالتالي تحقيق نتائج مالية أفضل في المجمل.

17 ساعة عمل أسبوعيًا تنتهي بدون إنتاجية تُذكر… التدريب والتطوير يعالج الأمر
تعد هذه الإحصائية واحدة من الإحصائيات التي تلفت الإنتباه فإذا كان موظفيك يعملون لمدة 59 ساعة في الأسبوع بمعدل ثمانية ساعة يوميًا مع عدم وجود أي يوم راحة فإن 17 ساعة عمل من تلك الساعات قد تنتهي بدون إنتاجية تذكر.

وبالطبع وكون معظم الشركات تقريبًا لا تعمل طوال أيام الأسبوع فإننا نتحدث عن ساعات عمل أقل تقريبًا ما بين 48 ساعة عمل و 40 ساعة تقريبًا، ما يعني ايضًا أننا نتحدث عما يقرب من نصف ساعات العمل في الأسبوع التي تنتهي بدون إنتاجية تُذكر.
المقصد من أن الإنتاجية "لا تُذكر" هو أن كم الإنتاجية التي قام بها الموظفين ليست هي الإنتاجية المطلوبة أو على أقل تقدير لا تقارب نصف إنتاجيتهم المعتادة.

السبب في ذلك عائد إلى عدم تلقي الموظفين تدريبًا مناسبًا وهو ما جعلهم لا يعرفون الطريقة الصحيحة التي يستخدمونها في القيام بالمهام، فضلاً على أنهم يُهدرون الكثير من الوقت على المهام البسيطة ويخطئون بصورة متكررة.

جديرًا بالذكر، أن تلك الإحصائية هي من دراسة قامت بها شركة مايكروسوفت على عدد كبير من الموظفين وصل إلى 38 ألف موظف.

يساعد تدريب وتطوير الموظفين على الكشف عن مدراء جدد
السبب الرئيسي في بقاء المؤسسات وتحقيقها لنمو هو أنها تملك استراتيجية واضحة لما سيكون عليه المستقبل. تلك الإستراتيجية لا تتمثل في خطة زمنية لإطلاق منتجات أو خدمات جديدة فحسب، بل أنها متعلقة ايضًا بالموارد البشرية التي تمتلكها الشركة.

معلومة: يعاني 38 في المئة من أصحاب الأعمال على الصعيد العالمي من صعوبة في ملء المناصب الشاغرة في شركاتهم وتتفوق نسبة التحدي تلك الصعوبة الطبيعية عندما يتعلق الأمر بتوظيف أشخاص في مناصب المدراء.

يمكننا أن نأخذ شركة آبل Apple مثلاً على ذلك، ففي عام 1985 غادر ستيف جوبز (الشريك المؤسس) الشركة مطرودًا، بسبب صدام مع الرئيس التنفيذي آنذاك جون سكالي، وبغض النظر عن تفاصيل الخلافات التي قد لا تكون مفيدة في سياق حديثنا، إلا أن الجدير بالذكر هو أن ما يصل من 12 سنة شهدت تخبطات كبيرة في الشركة وصلت إلى نقطة الانهيار في سنة 1993 بإنخفاض 84% لنسبة الإيرادات.

آبل كانت واحدة من أغنى الشركات في العالم قبل ذلك، وكانت واحدة من أكثر الشركات ارتفاعًا من حيث الأسهم في البورصة الأمريكية، وما حدث لها واقترابها من الهاوية كان بسبب سياسات المدير التنفيذي "القادم من خارج الشركة" والذي عينه جوبز نفس وطرده. في المقابل كان جوبز قد بدء شركته الجديد "NEXT" وبدء في تصنيع أجهزة كمبيوتر واستثمر في النظام التشغيل الذي أعاده إلى شركة آبل وحقق نجاحات لا بأس بها.

جوبز نجح في إعادة آبل إلى مكانها الطبيعي في ثلاث سنوات عاد فيها ليشغل منصب المدير التنفيذي، ونجح كذلك في تعيين أحد الأشخاص المميزين في منصب أقل من المدير التنفيذي من ثم اعتمد عليه في إدارة شئون الشركة أثناء مرضه، بالطبع نتحدث عن تيم كوك المدير التنفيذي الحالي، الذي وصل بالشركة إلى قيمة سوقية تقدر بأكثر من 2 تريليون دولار.

المغزى من تلك القصة لأنجح شركة في العالم حاليًا وفقًا للأرقام، هو أن استقدام مدراء من خارج الشركة قد يكون سببًا في تخبط الشركة، بعكس ما يمكن أن يحدث مع موظفين يعلمون جيدًا تفاصيل بيئة العمل ونقاط القوة والضعف بجانب أن لديهم رؤية وقدرة إدارية، استطاعوا أن يُظهروها أثناء تلقيهم التدريب الذي يتم من جانب الشركة نفسها والتي تستطيع من خلاله ترسيخ ثقافة العمل الخاصة بها.

للإطلاع على مزيد من: الدورات التدريبية وبرامج تدريب الموظفين

في الحقيقة لا تقتصر فوائد تدريب وتطوير الموظفين على تلك النقاط التي تحدثنا عنها، حيث ستشهد بيئة العمل في الشركة تفاهمًا واضحًا وفعالاً بين فريق العمل والمديرين، فضلاً عن رفع كفاءة العمل ضمن مجموعة، بالإضافة إلى زيادة المنافسة التنظيمية والتي تساهم بصورة دقيقة جدًا في تحقيق النجاح أو السير إلى الفشل. إلا أننا تعمدنا إلقاء الضوء على أكثر الأمور الحساسة والتي ستصنع فارقًا حقيقيًا عندما نتحدث عن دور تدريب وتطوير الموظفين على نمو شركتك.


إقرأ أيضاً:

كيف تضع خطة تدريب الموظفين المثالية لشركتك في 4 خطوات

أشهر 5 طرق لـ تدريب الموظفين

فوائد التدريب للموظفين على الحالة العامة لشركتك

تدريب الموظفين - ما هو ولماذا تحتاجه الشركات؟